الخلل المعلوماتي الأنواع والمسميات والفروقات بينها.

الصورة تعبيرية توضح مفهوم اضطراب المعلومات تم توليدها باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي

إعداد: حزم المازوني

عَرَضَ المقال السابق لسبب اختيار اضطراب المعلومات أو الخلل المعلوماتي تسمية لظاهرة انتشار الأخبار غير الصحية أو الغير دقيقة على شبكة الانترنت. وسنتطرق في هذا المقال لكل نوع من أنواع اضطراب المعلومات وتعريفه والفروقات بينها.
أولاً. المعلومات أو الأخبار الخاطئة أو المغلوطة. وتسمى بالانجليزية Misinformation، وهي معلومات غير صحيحة أو غير دقيقة تنقل للجمهور وقائع خاطئة، ومن ينشرها لا يعلم ذلك ولا ينوي أي ضرر.
وأوضح مثال على ذلك هو استعمال البعض لصور عشوائية معبرة يجدها على الانترنت لنقل أحداث تعيشها مدينته أو حيه. كأن يأخذ صورة لأمطار غزيرة من سنوات سابقة في مدينته وينشرها ليخبر الآخرين عن الأمطار الغزيرة التي تجود بها السماء على مدينته حالياً.
إذن فالمعلومات الخاطئة أو المغلوطة هي خطأ بريء في نقل المعلومات يرتكبه بعض الهواة في قطاع الإعلام عن غير قصد.
ثانياً. المعلومات أو الأخبار المضللة: وتسمى بالانجليزية Disinformation، وهي المعلومات أو الأخبار المفبركة والملفقة عن عمد بقصد الإضرار. وقد تستهدف المعلومات أو الأخبار المضللة الأشخاص أو المؤسسات وحتى الدول. ومن الأمثلة البارة عليها إطلاق الشائعات عن نظريات المؤامرة أو اقتطاع جزء من حديث لشخص ما يظهره يطلق تصريحاً في سياق ما، لم يقم ذلك الشخص بقوله بتاتاً، بهدف تشويه صورته أو للسخرية أو أثارة الصدمة لدى المشاهدين بهدف جمع أكبر عدد ممكن من المشاهدات.
ثالثاً. المعلومات أو الأخبار الضارة: والتي تسمى بالانجليزية Mal-information وهي الأخبار المبنية على جزء من الحقيقة بما يتناسب مع مصالح مطلقها الذي يقصد بها الإساءة لأشخاص أو دول أو جماعات في المجتمع. وأوضح مثال على ذلك التسريبات في أوقات الانتخابات لتشويه صورة أحد المرشحين. والأخبار المحرّضة تجاه فئات معينة في المجتمع كاللاجئين أو الفئات الدينية والعرقية.

سيل من المعلومات والأخبار المضطربة.

للأسف ومع تطور أدوات وتقنيات التواصل ونقل المعلومات ونمو العالم الرقمي من حولنا، أصبحنا في عرضة أكبر لجميع أنواع المعلومات والأخبار المضطربة. تفيض علينا على مواقع التواصل الاجتماعي، وعبر تطبيقات الدردشة والتواصل، وحتى عبر البريد الالكتروني ليتم تداولها في النهاية حتى في جلسات السمر بين الأصحاب والأصدقاء وحتى في إطار العائلة.
ولكي لا يصيبنا هذا الواقع الجديد بالإحباط واليأس لابد لنا من التسلح بالمعرفة.

أكاد أجزم أنك شعرت بسرور ممزوج بالدهشة عند تلقيك رسالة ما تقول لك أنك شيئاً في مسابقة ما أو ستربح إذا قمت باجتياز الاختبار البسيط عبر رابط ما. ولا بد أنك تسائلت لحظتها، هل ابتسم الحظ لي أخيراً؟. حسناً إنه النوع الأكثر وضوحاً من اضطراب المعلومات ويعرفه الجميع باسم (الاحتيال).

الاحتيال

الاحتيال

الأمثلة عن الاحتيال عبر الإنترنت كثيرة ومتنوعة جداً بعضها قد يغريك بربح بطاقة شحن لهاتفك الخلوي للضغط على رابط ما واجتياز اختبار، وبعضها قد يغريك بمبلغ مالي تركة أحد أقربائك الذين لا تعرف عنهم في بنك ما في بلد ما. وبالطبع لكل نوع من الحيل هذه أهدافه الخاصة وفي نهاية المقال ستجد رابطاً لأرشيف خاص عن عمليات الاحتيال المنتشرة وشرح مختصر لأهدافها إذا رغبت بالاستفاضة.

صورة تعبيرية: الهجاء والسخرية

الجاء والسخرية

الشكل الثاني لاضطراب المعلومات هو الهجاء والسخرية، قد يكون مسلياً ولا يحمل نية بقصد الإساءة خصوصاً مقاطع الفيديو المضحكة. لكنها تملك قوة هائلة للخداع والتأطير وترسيخ القناعات العامة الخاطئة وزرع أفكار جمعية في عقول الناس دون أن يشعروا.
وربما أوضح مثال على ذلك تلك الفيديوهات التي تصور المرأة على أنها سيئة في القيادة. أو تلك الفيديوهات عن شاب يلبس لباساً عربياً ويضع نظارة سوداء، يقترب من بعض الناس في حديقة ويرمي شنطة صغيرة أو كيساً أسود بقربهم ويهرب. وبالطبع سيهرب أولئك الذين رمى الكيس بجانبهم بسرعة وخوف ويتعثر البعض أثناء هروبة ويقع.
في كلا المثالين السابقين تؤطر هذه الفيديوهات المرأة والعرب في إطار سيء وتزرع في عقول الجمهور قناعات عامة خاطئة يصعب تغييرها.

صورة تعبيرية عن الترابط

الربط الخاطئ

الشكل التالي لاضطراب المعلومات هو الترابط الخاطئ. وأعتقد أنك تعاني منه كما أعاني أنا. وهو عندما تكون العناوين المرئية أو الصور التوضيحية لا تتطابق مع محتوى الخبر أو الفيديو. والهدف من هذه الخدعة هو ببساطة زيادة عدد المشاهدات واجتذاب الجمهور.

صورة تعبيرية تم توليدها بالذكاء الاصطناعي تعبر عن التضليل

المحتوى المضلل

الشكل الآخر لاضطراب المعلومات هو الأخبار المضللة. وما أكثرها. من إشاعات وفبركات وأخبار مُختلقة تهدف جميعها لتأطير أو الإساءة للأشخاص أو الجماعات الدينية أو العرقية أو المهاجرين واللاجئين. وما أكثر الأفلام التي تصور العرب كمجرمين والغربيين كأبطال مخلصين.

صورة تعبيرية: السياق الخاطئ

السياق الخاطئ

بما أننا جميعاً من مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي فلا بد لنا أن نواجه الشكل التالي من اضطراب المعلومات وهو السياق الخاطئ. وبالتأكيد مر عليك فيديو لأحد المشاهير يقول شيء ما صادم وتبين لاحقاً أن الفيديو مقتطع من حديث طويل مع هذا الشخص بهدف إظهاره على أنه يطلق ذلك التصريح بينما في الحقيقة ما كان يقوله جزء من سياق حديث طويل له معنى أخر ولكن تم اقتطاعه بهدف الإساءة لهذا الشخص.
قد يكون مر عليك أيضاً أخبار على شاكلة أن الدواء الفلاني يسبب الوفاة حسب دراسة أجراها معهد أبحاث مشهور. لكن ما لم يقله لك ناقل الخبر المقتطع من سياقه. هو أن الدراسة تقول أن ذلك الدواء يسبب الوفاة في حال تناوله مع أدوية أخرى معاً، وما لم يقله لك مقطتع الخبر هو أن جميع الأدوية يمكن أن تسبب ضرراً صحياً في حال تناولها مع أدوية اخرى أو في حال وجود مرض أو علة اخرى لدى المريض غير التي يتداوى منها بهذا الدواء.

صورة تعبيرية: المحتوى المتلاعب به

المحتوى المفبرك

لا بد وأنك شاهدت النوع الأخير من اضطراب المعلومات وهو المحتوى المفبرك والمتلاعب به. فتارة تجد شخصاً يتحدث بحديث ما وحركة الشفاه لا تتطابق مع الكلام المنطوق. وتارة تجد فيديوهات مركبة لأشخاص باستخدام وسائل المونتاج. وانتشرت مؤخرا أدوات الذكاء الاصطناعي التي تقوم بتوليد صور وفيديوهات حسب رغبة المستخدمين.
فقد فترى حيوانات غريبة اسطورية، أو قطة تطير بأجنحة. وحتى شخصيات معروفة تم توليد فيديوهات لها عن طريق هذه الأدوات وهي تدلي بتصريحات أو تقوم بتصرفات لم تحدث في الواقع.

أخيراً

لا بد وأنك قد لاحظت أن كمية المعلومات المضطربة ازدادت مع انطلاق أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي. فانتبه للتفاصيل وراقب جيداً، فنحن مقدمون على عالم مشبع بالمعلومات التي تم توليدها بهذه الأدوات.

يسعدنا أن نسمع آرائكم حول أداء الموقع والمواد المنشورة فيه عبر الاستبيان هنا