هل يمكننا أن نتحقق من التصريحات والخطابات يا ترى؟

التحقق من الأخبار والمعلومات

إعداد: حزم المازوني

نشهد في حياتنا اليومية الكثير من التصريحات والأقوال. البعض منها يصدر عن مسؤولين أو سياسيين. سواء كان الشخص الذي أطلق هذا التصريح اعتبارياً أم لا، فهل يمكننا أن نتحقق من التصريحات أو البيانات سواءاً كانت رسمية أو غير ذلك؟

لكن قبل البدء بالعمل والبحث عن أدلة تؤكد أو تنفي التصريح يجب أن نسأل أنفسنا سؤالين مهمين.
هل هذا مهم؟ أو بعبارة أخرى، ما هو التأثير الذي سيحدثُه البيان إذا لم يتم التحقق منه؟
هل هذا الادعاء قابل للتدقيق؟
السؤال الأول ينطوي بالضرورة على قرار تحريري. فالوقت محدود ولا يمكن التحقق من جميع الادعاءات. إذن فمن المفيد أن تكون لديك منهجية للمساعدة في تحديد الادعاءات التي يجب التحقق منها توفيراً للوقت والجهد، ولإنجاز أكبر قدر من العمل ذو الأهمية الأكبر.
إن الادعاءات العامة مليئة بالتنبؤات والآراء التي لا يمكن بطبيعتها التحقق من صحتها. ولكن هناك أيضًا الكثير من التصريحات التي تقع بشكل غير مريح إلى حد ما في المنتصف بين الحقيقة الواضحة والرأي الواضح. خذ على سبيل المثال الأمثلة التالية:
– “لقد انخفض معدل البطالة بمقدار نقطتين في الأشهر الأربعة الماضية منذ أن أصبحت رئيسًا.”
– “لقد أدت ثقة القطاع الخاص في حكومتي إلى انخفاض معدل البطالة بمقدار نقطتين.”
– “لولا حكومتي لما شهدنا انخفاضًا في معدل البطالة بمقدار نقطتين.”
تستند الجمل الثلاث إلى نفس الحقيقة الأساسية: انخفض معدل البطالة بنقطتين مئويتين خلال فترة أربعة أشهر. ويمكن التحقق من ذلك من خلال وكالة إحصائية وطنية.
أما الادعاء الثاني فيُقحم ادعاءً حول السببية: إن ثقة القطاع الخاص في الحكومة هي التي تسببت في انخفاض معدل البطالة. ويصبح هذا الأمر أكثر تعقيدًا: فغالبًا ما يتم استطلاع رأي الشركات حول الثقة في السياسات الاقتصادية للحكومة، ويمكن تقسيم بيانات الوظائف لاكتشاف ما إذا كان الانخفاض في البطالة يرجع إلى زيادة عدد الوظائف أو تسرب المزيد من الأشخاص من سوق العمل، وما إذا كانت هذه الوظائف الإضافية قد تم خلقها في القطاع العام أو الخاص. لكن الارتباط ليس علاقة سببية في الواقع.
الادعاء الثالث هو رأي أكثر واضوحاً ولا لبس فيه،.لا توجد طريقة لمعرفة ما كان سيحدث لمعدل البطالة، لو كان يحكم البلاد شخص آخر. وتجدر الإشارة إلى أن مثل هذا الادعاء لا يمكن دعمه بالوقائع، لذا فإن المتكلم يتلاعب بالحقائق والجمهور.
لنشاهد بعض الأمثلة الأخرى، والتي هي مقاطع من خطابات ثلاث رؤساء في الجمعية العامة للأمم المتحدة لعام 2017.


يقول الرئيس الأمريكي دونالد ترمب:

– “لحسن الحظ، كان أداء الولايات المتحدة جيدًا للغاية منذ يوم الانتخابات في 8 نوفمبر الماضي.”
هل هذا التصريح ادعاء يمكن التحقق من صحته؟
أداء “جيد جدًا” هو تقييم غير موضوعي وغير قابل للقياس. هذا رأي لا يمكن التحقق من صحته.
– “سوق الأسهم في أعلى مستوياته على الإطلاق، وهو رقم قياسي.”
هل هذا التصريح ادعاء يمكن التحقق من صحته؟
يمكن الرجوع إلى البيانات التاريخية لمؤشرات أسواق الأسهم للتحقق من صحة هذا الادعاء.
– “البطالة في أدنى مستوياتها منذ 16 عامًا”
هل هذا البيان ادعاء يمكن التحقق من صحته؟
يمكن الحصول على بيانات البطالة من مكتب إحصاءات العمل.
– “بسبب إصلاحاتنا التنظيمية وغيرها، لدينا اليوم عدد أكبر من الأشخاص الذين يعملون في الولايات المتحدة أكثر من أي وقت مضى.”
هل هذا التصريح ادعاء يمكن التحقق من صحته؟
في حين أنه يمكن قياس عدد الأشخاص الذين يعملون في الولايات المتحدة، إلا أن إسناد هذا المستوى إلى إصلاحات محددة مهمة أكثر صعوبة.
– “تعود الشركات المهاجرة إلى البلاد، مما يخلق نموًا في الوظائف، لم تشهد بلادنا مثله منذ فترة طويلة جدًا…
هل هذا البيان ادعاء قابل للتحقق من الحقائق؟
إن التحقق من صحة الاتجاه التاريخي لخلق فرص العمل هو أكثر قابلية للتحقق من الحقائق بشكل فوري مما إذا كان ذلك بسبب “عودة الشركات” من الخارج.
– “لقد أُعلن للتو أننا سننفق ما يقرب من 700 مليار دولار على جيشنا ودفاعنا.”
هل هذا ادعاء يمكن التحقق من صحته؟
يمكن التحقق من صحة هذا الادعاء بالرجوع إلى مخصصات الميزانية العسكرية للحكومة الفيدرالية.
– “سيصبح جيشنا قريبًا أقوى جيش على الإطلاق.”
هل هذا ادعاء يمكن التحقق من صحته؟
قد تكون “القوة” العسكرية قابلة للقياس، لكن مقارنتها عبر الفترات التاريخية أمر إشكالي. فالأسلحة وأساليب القتال تختلف كثيرًا بحيث لا يمكن لمثل هذه المقارنة أن تكون منطقية.

تعرفت في الأمثلة السابقة على عدة أشكال للتصريحات والادعاءات، ولا بد أنك لاحظت أن تدقيق المعلومات يحتاج إلى أدلة من مصادر موثوقة، وفي كثير من الأحيان يمكن أن تكون هذه الأدلة على شكل قواعد بيانات يجب عليك تحليلها للوصول إلى قرار قطعي حول صحة الادعاء من عدمها.

ختاماً

إذا كنت ترغب في شحذ مهاراتك في تحليل الادعاءات فيمكنك تجربة اجتياز هذا التمرين. هو مشابه بدرجة كبيرة للأمثلة السابقة. سيفيدك ذلك في تحسين مهاراتك حول فهم نوع وأشكال الأدلة التي تحتاجها لتأكيد أو نفي الادعاءات. ويمكنك إعادة تكرار التمرين عدة مرات إن شئت.


يمكنكم متابعتة صفحتنا على فيس بوك للاطلاع على كل جديد حال نشره Facebook.

يسعدنا أن نسمع آرائكم حول أداء الموقع والمواد المنشورة فيه عبر الاستبيان هنا