جائحة كورونا تأتي على ما تبقى من قدرة العمالة السورية في الأردن على الصمود.
في ليلة الجمعة 22 آذار، الليلة الثانية للحظر الشامل للتجوال في البلاد بدأت الأسئلة المقلقة تتقافز كالشياطين في رأس اللاجئة السورية حنان نابلسي مستحضرة أيام الحصار الذي عاشته العائلة لأكثر من نصف عام في مدينة حمص قبل فرارهم إلى الأردن بداية العام 2012.
تقول حنان أن الذكريات السيئة عن أيام الحصار في بلدتها الأم كانت تراودها غصباً عنها، إلا أنها لم تكن في قلق مستمر على أطفالها الأربعة وزوجها ، فلا طائرات تحلق في السماء هنا ولا قصف للأحياء السكنية، نحن الآن آمنون في هذا البلد.
لقد أعلنت الحكومة أن حظر التجوال الشامل لثلاثة أيام فقط، فلا داع للقلق، ستعود الحياة من جديد لسابق عهدها قريباً. طمأنت حنان نفسها بهذه الفكرة في تلك الليلة. إلا أن استمرار الإغلاق العام خلال الأسبوع التالي أعاد إلى حنان بعضاً من ذكريات الماضي.
بعد أشهر من إنهاء الإغلاق الشامل، تروي لي حنان بعض أفكارها عن الأسبوع الثاني منه: لقد توقفنا عن العمل أنا وزوجي، ولدينا من المال ما يكفي لإطعامنا وأطفالي الأربعة لمدة شهر تقريباً، ولكن ماذا لو طال الإغلاق لفترة أطول؟. يجب أن نبدأ بإجراءات التقشف وتقنين الطعام التي تعلمناها أثناء الحصار الذي عشناه في حمص.
اللاجئون غارقون في فقر مدقع.
تسعة من كل 10 لاجئين ممن يعيشون في الأردن ولبنان إما تحت خط الفقر أو سيصبحون كذلك قريباً، إذا ما أخذنا في الاعتبار خطوط الفقر المستخدمة في كل من البلدين المستضيفين. جاء ذلك في تقرير مشترك أصدرته مجموعة البنك الدولي والمفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عام 2014.
أربعة أعوام مضت ومازال الحال على ما كان، ففي منتصف عام 2018 وجدت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في رصدها للمساعدة الإقليمية المتعددة الأهداف التي تقدمها لقرابة الـ 660 ألف لاجئ سوري مسجل في الأردن، أن أكثر من 85 من كل 100 من اللاجئين السوريين في الأردن تحت خط الفقر.
إلا أن عام 2020 حل على اللاجئين السوريين في الأردن بطعم أخر، فمع اجتياح فايروس كورونا المستجد دول العالم، أعلن الأردن في 17 آذار 2020 تفعيل قانون الدفاع وبُدء بتطبيقه بعد يومين.
فُرض على إثر قانون الدفاع تطبيق حظر التجوال ومُنع التنقل بين المحافظات وتوقفت جميع المؤسسات العامة والخاصة عن العمل وتجمدت الحياة تماماً طوال الشهرين والنصف التاليين إلى يوم السادس من أيار ذات العام، حيث أعلنت الحكومة الأردنية بدء عمل جميع المؤسسات شرط اتخاذ احتياطات صارمة لمنع أي انتشار محتمل للوباء.
في 5/11/2020 أي بعد انتهاء الحظر الصحي الشامل في الأردن بأسبوع، وحسب الناطق الإعلامي في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين محمد الحواري. أظهر استبيان أجرته المنظمة في الأردن بين اللاجئين السوريين، أن أكثر من 9 من كل 10 من اللاجئين السوريين الذين يعيشون في المملكة لديهم أقل من 50 دينار أردني (70 دولارًا) من المدخرات المتبقية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن العديد من اللاجئين الذين كان مصدر دخلهم من سوق العمل غير الرسمي للعمل – حوالي 4 من كل 10 من اللاجئين السوريين في الأردن – أصبحوا بدون دخل.
وصرح دومينيك بارتش، ممثل المنظمة الأممية في الأردن: لقد رأينا أكثر من ثلث العمال اللاجئين اليوميين يفقدون وظائفهم بالكامل ويكافحون من أجل وضع الطعام على المائدة لعائلاتهم وأصبح أولئك الذين كانوا يعتمدون على أنفسهم في السابق يتواصلون الآن من المفوضية للحصول على المساعدة.
المنظمات الدولية والحقوقية تقرع أجراس الخطر.
خلال الفترة بين 18 آذار و 18 نيسان من العام الجاري ومع بداية حالة الاستنفار الصحي والإغلاق الشامل في البلاد، رصدت جمعية تمكين لحقوق الإنسان شكاوى 707 من العمال اللاجئين في الأردن من جميع الجنسيات، 598 منهم من اللاجئين السوريين.
88 من كل مائة من هذه الشكاوى تقدم بها الذكور و12 شكوى من النساء، أغلب شكاوى اللاجئين السوريين 62 من كل مئة شكوى كانت بسبب توقفهم عن العمل خلال الإغلاق العام، وقال 16 مشتكٍ من كل مئة أنهم لم يتلقوا أجورهم أو أجبروا على أخذ إجازة غير مدفوعة الأجر خلال ذات الفترة.
6 من كل مئة من المشتكين طردوا من العمل، وأجبر 2 من كل مئة على المبيت في مكان العمل، بينما لم يستطع 12 من كل مئة من المشتكين الوصول إلى أماكن عملهم لعدم توفر وسائل المواصلات العامة.
منظمة العمل الدولية قامت أيضاُ بتقييم أثر إجراءات الإغلاق التي فرضتها ظروف الجائحة على واقع العمالة الأكثر ضعفاً في الأردن، عبر دراسة استقصائية بالهاتف لعينة فعالة من 1580 مشاركاً، 46 في المائة منهم من النساء. 56 من كل مئة منهم سوريين و44 أردنيين.
قبل بدء الإغلاق العام في الأردن كان 52 من كل مئة من المستطلعين يعملون “أي خلال الأسبوعين الأولين من آذار 2020” بينما أفاد 36 من كل مئة منهم أنهم عاطلون عن العمل و 12 غير نشطين في القوى العاملة.
أما مستوى التوظيف قبل الإغلاق، فقد كان أعلى بين المستجيبين الأردنيين. 58 من كل مئة منهم كانوا موظفين بينما كان 47 من كل مئة من السوريين موظفين قبل الإغلاق.
24 من كل مئة من العمال الأردنيين و 62 من كل مئة من العاملات الأردنيات كانوا يعملون في قطاع التصنيع، بينما عمل 55 من كل مئة من السوريين في البناء، وعملت 41 من كل مئة من السوريات في قطاع التصنيع.
العمالة غير الرسمية هي الأكثر تأثراً والسوريين على وجه الخصوص.
في دراسة مسحية أجرتها مؤسسة فافو عام 2017-18 على عينة تتألف من 40950 لاجئ سوري في الأردن “7500 عائلة”، داخل المخيمات وخارجها. تبين أن ثلث اللاجئين السوريين تقريبا – ممن يزيد عمرهم عن 15 عاماً – منخرطين في سوق العمل (32 من كل مئة من المستطلعين) مقارنة ب 38 من كل مئة من الأردنيين. ومازالت نسبة مشاركة النساء اللاجئات في سوق العمل منخفضة كثيراً (7 من كل مئة من اللاجئات تعملن) مقارنة مع 16 من كل مئة من النساء الأردنيات المنخرطات في سوق العمل.
أما في عام 2020 وفي الفترة بين 9 و14 نيسان، فقد أجرت منظمة العمل الدولية بالشراكة مع مؤسسة فافو للدراسات مسحاً لرصد مستوى مناعة العمل غير الرسمي بين اللاجئين السوريين في الأردن، من خلال مؤشرات مختلفة بما في ذلك نوع عقد العمل ومدة العقد والتأمين الصحي وتغطية الضمان الاجتماعي وتصاريح العمل للسوريين.
أفاد 55 من كل مائة من جميع العمال الذين شملهم الاستطلاع أن مدة عملهم قصيرة مؤقتة ، موسمية ، غير منتظمة. وكان العمل غير المستقر أكثر انتشارًا بين اللاجئين السوريين 69 في المائة.
وقال حوالي 39 من كل مائة من العاملين المستطلعين أنهم أبرموا اتفاقيات شفهية فقط مع أصحاب العمل، في حين أن 4 في المائة ليس لديهم اتفاق مكتوب أو شفهي مع أصحاب العمل. وكان مستوى العمالة غير الرسمية أعلى بين السوريين 52 من كل مائة منهم لم يبرموا عقود عمل إطلاقاُ، بينما 35 من كل مائة من الأردنيين عملوا بدون عقود.
من كل مئة من العمال السوريين 24 كانوا مسجلين في الضمان الاجتماعي و 15 كانوا مؤمنين صحياً، بينما تكفل أرباب العمل بتسجيل 63 من كل مائة من الأردنيين في الضمان الاجتماعي، وتكفلوا بتغطية 42 من كل مائة بتأمين صحي.
ثلث العمال السوريين كانوا يملكون تصاريح عمل، بينما فقد أكثر بقليل من ثلث العمال السوريين الذين ليس لديهم أي اتفاق مع صاحب العمل عملهم، وفقد قرابة الثلث ممن يملكون عقود عملهم أيضاً.
إلا أن المستقبل يبدوا أكثر قتامة مما تنذر به الأيام الأولى للتعامل مع الجائحة، فمنظمة العمل الدولية توقعت أن تمحو أزمة كوفيد -19 حوالي 8 في المائة من جميع ساعات العمل في الدول العربية في الربع الثاني من عام 2020 – أي ما يعادل 5 ملايين عامل بدوام كامل، وفقًا لبحث لها نُشر في أبريل 2020.
أما على الصعيد الأردني فقرابة نصف المستطلعين 47 في المائة من الذين كانوا يعملون قبل الإغلاق ، كانوا حاليًا، بين 1 وَ 15 أبريل 2020 متوقفين عن العمل. 13 في المائة منهم تم فصلهم بشكل دائم، 18 في المائة تم تسريحهم مؤقتا ولكن من المتوقع أن يستأنف العمل بمجرد انتهاء الأزمة ؛ و 16 في المائة كانوا في إجازة مدفوعة الأجر.
وفي حين أن 35 في المائة من جميع السوريين الذين كانوا يعملون قبل الأزمة فقدوا وظائفهم بشكل دائم ، فإن 17 في المائة من العمال الأردنيين أفادوا بنفس الشيء. وأفاد ضعف عدد العمال الأردنيين 41 من كل مائة مقابل 21 من العمال السوريين بأنهم حصلوا على إجازة مدفوعة الأجر. أما من استمروا في العمل أثناء الإغلاق فبلغوا 4 فقط من كل مئة من المستطلعين.
العودة التدريجية إلى الحياة بعد الإغلاق، هل سيصمدون؟
بعد أشهر من انقضاء الحظر الصحي والإغلاق الشامل قررنا استكشاف أوضاع العمال من اللاجئين السوريين من جديد، فقمنا خلال شهر تموز 2020 بمقابلة 169 منهم عبر الهاتف، توزعوا بين العاصمة عمان والزرقاء ومدينتي إربد والمفرق ومخيم الزعتري.
كانت اللاجئة السورية عبير عباس، تمارس عملاً حراً في منزلها قبل الإغلاق الشامل، تصنع منتجات الحليب وتبيعها في السوق المحلي في مدينة الزرقاء، توقفت عن العمل بسبب الإغلاق، واضطرت قبل انتهاء فترة الإغلاق الشامل إلى للانتقال إلى سكن متهالك لكنه أرخص، إذ لم يعد بإمكانها سداد أجر السكن السابق.
حال عبير كحال ثلث اللاجئين السوريين الذين قابلناهم. جميعهم فقدوا عملهم أو تم تسريحهم خلال الإغلاق، ثلثي من فقدوا عملهم تماماً كانوا ذكورا والثلث الآخر من النساء.
على الرغم من عودة جميع القطاعات إلى العمل إلا أنني لا أستطيع حتى الآن القيام بنفقات أسرتي، يقول اللاجئ السوري فؤاد العلي الذي يسكن مدينة إربد. فالعمل الآن متقطع، وتراكمت علي أجور ثلاثة أشهر من الديون لمالك المسكن الذي أقطنه فخلال الإغلاق الشامل توقفت عن العمل ولم أملك تسديد هذه النفقات.
لم يحالف الحظ فؤاد المتطوع لدى إحدى المنظمات المحلية مقابل أجر، فهو من بين الـ 95 من كل مائة لاجئ سوري قابلناهم ممن أُجبروا على التوقف عن العمل وفقدوا دخلهم خلال فترة الإغلاق الشامل.
من استمر في العمل من اللاجئين 5 من كل مئة لاجئ قابلناه، جميعهم كانوا إما متطوعين لدى المنظمات الدولية، أو يعملون بعقود مؤقتة قصيرة الأجل في قطاع التعليم، تمكنوا من الاستمرار بعملهم عن بعد عبر الانترنت.
66 من كل مئة من اللاجئين الذين قابلناهم لم يعودوا إلى العمل حتى نهاية شهر آب ومازالوا بلا أي دخل، بينما استطاع 34 من كل مائة العودة جزئيا الى العمل بعد توقف تام خلال الإغلاق الشامل، 67 من كل مئة ممن عادوا الى العمل جزئياً ذكور، و 33 إناث.
قطاعات العمل التي عاد فيها الإناث إلى العمل هي العمل من المنزل كالخياطة والطبخ والتعليم والتطوع، بينما عاد الذكور بشكل متقطع إلى أعمال الإنشاءات والخياطة في المصانع والتطوع والإعلام والزراعة والخدمات.
اللاجئون يغرقون في الديون
في عام 2016 توصلت دراسة أجرتها منظمة كير العالمية إلى أن 62 من كل مئة من اللاجئين السوريين في الأردن يقترضون المال لشراء الطعام.
أما في العام 2020 فقد أظهرت مسوحات أجرتها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أن 79 من كل مئة من اللاجئين السوريين في الأردن، يعيشون تحت خط الفقر، وبأقل من ثلاثة دولارات يومياً، وهناك 50 ألف اسرة من اللاجئين بحاجة الى مساعدات طارئة خلال أزمة كورونا. استطاعت المفوضية تقديم مساعداتها لـ 18 ألف اسرةٍ منها فقط خلال الأزمة.
الناطق الإعلامي في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الأردن محمد الحواري زود راديو البلد بتفاصيل أكبر عن المسوحات التي أجرتها المنظمة خلال الأزمة والتي أظهرت أن 43 من كل مئة من اللاجئين العاملين منخرطون في مهن ذات أجر يومي وقد خسروا وظائفهم.
مما أدى إلى ارتفاع نسبة الفقر بين اللاجئين حيث تبين من خلال المسح الميداني في شهر حزيران أن 90 من كل مئة من اللاجئين لا يملكون مدخرات تزيد عن ٥٠ دينار أردني، وهناك 40 من كل مئة منهم تراكمت عليهم ديون تزيد عن 100 دينار أردني، مما دفع بـ 90 من كل مئة منهم لاتخاذ خطوات خارج المسار الصحيح في تدبير الأمور المالية مما سوف يؤثر سلباً إما على التعليم أو الصحة وعدم سداد أجور السكن وفواتير الكهرباء والماء.
فرضت هذه الظروف الاستثنائية على اللاجئين حسب رصد المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أساليب تكيفٍ مما اضطر لتقليص عدد وجبات الطعام اليومية والاكتفاء بوجبة واحدة أو أثنتين، وأجبر آخرون على الاستغناء عن شراء الأدوية الضرورية اليومية بالرغم من إصابتهم بأمراض مزمنة.
وحسب الحواري رفع هذا التحدي الاحتياج اللازم لخطة الاستجابة السنوية للمنظمة الأممية بمقدار ٧٩ مليون دولار ليصبح إجمالي التمويل الضروري 426 مليون لهذا العام تم تأمين أقل من نصفها حتى الآن.
خلال حديثنا مع اللاجئين السوريين لاستطلاع أوضاعهم المعيشية، لم نسألهم عن ظروفهم المادية. لكن جزءاً منهم اشتكى أن أجور السكن تراكمت عليهم لعدة شهور لم يستطيعوا تسديدها أثناء الحظر بسبب توقفهم عن العمل، تراوحت أحجام هذه الديون بين 160 دينار أردني (225$) إلى 800 دينار (1128$). نسبة كبيرة أيضا من اللاجئين الذين حصلوا على المساعدات الطارئة من المفوضية صرحوا أنهم أنفقوها لتسديد أجور السكن المتراكمة.
لمخيم الزعتري قصة أخرى.
مع بدء انتشار الجائحة في الأردن قررت وزارة الداخلية بالتعاون مع مديرية إدارة شؤون اللاجئين السوريين عزل مخيمات اللاجئين ومنع دخول وخروج اللاجئين أو الزوار باستثناء الطواقم الطبية وطواقم المنظمات العاملين في المخيمات. بهدف منع تسرب فيروس كورونا إلى المخيمات. وتم تطبيق نظام الحظر الصحي الشامل وتقييد حركة اللاجئين كما هو الحال خارجها، مما أدى إلى تعطل جميع الأعمال وتوقف شبه كامل للنشاط الاقتصادي فيها.
في مخيم الزعتري 13406 تصريح عمل نشطة يحملها اللاجئون السوريون (77 من كل مئة منهم ذكور و23 إناث). حسب بيانات الرصد الميداني الذي تجريه المفوضية السامية لشؤون اللاجئين دورياً. وتخول هذه التصاريح حامليها حرية التنقل إلى خارج المخيم للانخراط في سوق العمل المحلي وهم يمثلون قرابة ثلث اللاجئين ممن هم في سن العمل (من 18 إلى 60 عام).
هناك 4109 آخرين من اللاجئين في المخيم منخرطون في أعمال التطوع مقابل أجر لدى المنظمات الدولية، إلا أن الغالبية العظمى من هؤلاء العاملين في مخيم الزعتري 84 من كل مئة منهم أفادوا خلال حديثنا معهم بأنهم توقفوا عن العمل تماماً خلال فترة الحظر الشامل.
وبعد انتهاء الحظر الشامل استطاع 41 من كل مئة من العاملين في مخيم الزعتري ممن تكلمنا معهم، العودة إلى العمل بشكل جزئي تدريجياً، كان 3 فقط منهم من عمال المياومة، و 3 من عمال المصانع خارج المخيم، و 34 من المتطوعين لدى المنظمات الدولية مقابل أجر داخل المخيم.
الفئات الأضعف هي الأكثر حاجة للحماية
في محاولة منا لرصد مستوى الحماية التي تتمتع بها العمالة غير المنظمة “الأكثر ضعفا” من اللاجئين السوريين. طلبنا من وزارة العمل تزويدنا بعدد تصاريح العمل التي حصل عليها اللاجئون السوريون خلال الأعوام الأربعة الماضية، وطلبنا من مؤسسة الضمان الاجتماعي تزويدنا بأعداد العمال السوريين المشمولين بالضمان الاجتماعي أيضا.
إلا أننا وحتى لحظة نشر هذه القصة لم نحصل على أي رد من مؤسسة الضمان الاجتماعي مما منعنا من إجراء أي تحليل مقارن على البيانات التي حصلنا عليها من وزارة العمل.
يعرّف مدير مركز الفينيق الأردني المتخصص في رصد الانتهاكات العمالية أحمد العوض، أن العمالة غير المنظمة هي كل عام غير خاضع للحماية إن كان من ناحية التغطية تحت مظلة الضمان الاجتماعي، أو التغطية في نظام التأمين الصحي الشامل.
وتتضمن هذه الشريحة جزءأً غير ظاهر بشكل مباشر من الموظفين بعقود في الشركات والمؤسسات ممن لا تؤمن لهم المؤسسات التي يعملون فيها تغطية الضمان الإجتماعي أو التأمين الصحي الشامل. أما الجزء الثاني من العمالة غير المنظمة فهم عمال المياومة والعمال المستقلين أيضاً ممن يعملون لصالحهم الخاص.
ومن هذه الزاوية تحديدا يرى العوض أن العمالة غير المنظمة من العمال السوريين والعمال المصريين هم الفئة الأكثر تضرراً بظروف الجائحة والإغلاق الشامل والتراجع الاقتصادي الذي تسبب به هذا الإغلاق.
أما عن مسؤولية تقديم الدعم للعمالة السورية الأكثر ضعفاً، فيرى العوض أنها تقع على عاتق المجتمع الدولي بكافة تشكيلاته المختلفة لضمان المستوى المقبول من الحياة الكريمة لهم، عن طريق زيادة حجم المساعدات المقدمة، فتداعيات الإغلاق والتراجع الاقتصادي في الأردن مازالت مستمرة.
إلا أن العوض يؤكد أن هناك جزء من المسؤولية يقع على عاتق الدولة الأردنية أيضاً، فحسب العوض قرابة نصف العمالة في الأردن “48 عامل من كل مئة” هي من العمالة غير المنظمة التي لا تملك أي نوع من أنواع الحماية، غالبيتهم منخرطون في قطاع الإنشاءات وقطاع الزراعة، حيث تم إدماج الغالبية العظمى من العمالة السورية في هذين القطاعين.
وعلى الدولة الأردنية في هذا الصدد حسب العوض أن تتحرك بخطوات أسرع نحو الخطة التي تعمل عليها لتغطية جميع العاملين في جميع القطاعات بجميع أشكال الحماية العمالية، عن طريق تخفيض كلفة الضمان الاجتماعي لتستطيع جميع المؤسسات والعاملين من جميع الشرائح تحمل كلفته.
ويجب أيضاً حسب العوض النظر في تخفيض كلفة الضمان الإجتماعي الاختياري للعاملين المستقلين، إذ أن التكلفة الحالية التي تصل الى 17.5% من الدخل عالية جداً ولا تستطيع شريحة العمالة الأكثر ضعفاً تحملها.
وأخيراً يرى العوض أن على مؤسسات الرقابة وإنفاذ قانون الضمان الإجتماعي التشدد أكثر للضغط وإلزام المؤسسات لتأمين الحماية لجميع العاملين في جميع القطاعات.
تقر منظمة العمل الدولية أن المسح السريع الذي أجرته خلال شهر آذار لا يمثل سوق العمل الأردني بكامله إنما يلقي الضوء على أوضاع العمالة الأكثر ضعفاً خلال الجائحة. وندرك أيضاً أن الاستبيان الذي أجريناه لا يمثل جميع العمال السوريين بالكامل، إلا أننا واثقون أنه يوضح بشكل جلي المصاعب التي تواجه الفئة الأكثر ضعفاً من العمالة السورية في الأردن.