أنواع ملفات الصور والبيانات الوصفية، كيف تساعدك في عمليات التحقق.

أنواع ملفات الصور والفروقات بينها

إعداد: حزم المازوني

إن فهم أنواع ملفات الصور الرقمية المختلفة هو حجر الأساس لأي شخص يرغب في التعرف على عالم التحقيق الجنائي للصور. كل نوع من هذه الملفات يتميز بخصائص تقنية محددة تؤثر على جودة الصورة وحجمها واستخداماتها. في هذا المقال، سنتعرف على الأنواع الشائعة لملفات الصور وكيفية إنتاجها، مع التركيز على الأنواع التي يتم استخدامها بكثرة في الكاميرات والهواتف الذكية والمواقع الإلكترونية والتي يتعامل معها الصحفيون ومدققي المعلومات بشكل متكرر.

ما هي الصورة الرقمية؟

من الناحية التقنية، الصورة الرقمية هي ملف رقمي يحوي بيانات بصرية يمكن تشغيله على الأجهزة الرقمية كالكمبيوتر والهاتف الذكي وغيرها من الأجهزة. والملف الرقمي هو بحد ذاته ليس الصورة، بل يمكنك تخيله على أنه مستوعب أو صندوق ويحوي في داخله البيانات البصرية التي هي الألوان والأضواء والتفاصيل الأخرى وتكون على شكل سلاسل طويلة من الأرقام يتم ترجمتها ببرنامج العرض إلى صورة.
لاحظ أيضاً أنني استخدمت أعلاه كلمة تشغيله وليس عرضُه، لأن عرض الملف وتشغيله هما عمليتان مختلفتان. حيث أننا إذا اعتمدنا عملية تشغيل ملفات الصور لتصنيفها، فهناك نوعين من ملفات الصور: الصور البسيطة التي يمكن تشغيلها بأبسط برامج عرض الصور كبرنامج عرض الصور في ويندوز أو الهاتف الذكي، وأكثرها شيوعاً الملفات بتنسيق GIF و BMP و JPEG و PNG. وهناك أيضاً ملفات الصور الخاصة، وهذه تحتاج لبرامج خاصة لعرضها وعادة ما تكون أكبر حجماً وتحوي كمية أكبر من البيانات مثل ملفات RAW و PSD و SVG و DNG وغيرها.
هناك أنواع كثيرة لملفات الصور، وهنا يجب الانتباه إلى نقطة محورية. نوع الملف ليس هو تنسيق الملف. على الرغم من أن تنسيق الملف هو أحد المؤشرات المهمة لنوع الملف. على سبيل المثال: الملفات من نوع JPEG يمكن أن يكون امتدادها أو تنسيقها jpg, .jpeg, .jpe, .jif, .jfif، والتنوع في امتداد أو تنسيق الملف سببه تفضيلات أنظمة التشغيل والبرامج المختلفة المخصصة للتعامل مع الصور.
الآن. إذا قمنا بتصنيف الصور حسب نوع الملف، فهناك نوعين أساسيين للملفات التي تحوي بيانات بصرية. ملفات الصور النقطية (Raster) وملفات الصور الخطية (Vector).

1. ملفات الصور النقطية (Raster):

وهي ملفات تحوي بيانات بصرية يتم تخزينها على شكل شبكة من البكسلات (Pixels) وكل بكسل يحمل لوناً محدداً. يمكنك مشاهدة هذه البكسلات عن طريق تكبير الصورة. ستجد أن شكل البكسل مربع وله لون محدد.
هذا النوع من ملفات الصور هو الأكثر شيوعاً للصور الرقمية لأنها تناسب الصور الفوتوغرافية والصور المعقدة، وسهلة العرض على أي جهاز تقريباً، ويمكن أستخدامها وعرضها في أي منصة على الإنترنت.
في هذا النوع من الملفات جودة الصورة تعتمد على عدد البكسلات، فكلما زاد عدد البكسلات، زادت دقة الصورة ووضوحها، ولهذا النوع من الملفات صيغ (تنسيقات أو امتدادات) متنوعة أكثرها شيوعا هي:
JPEG: الأكثر شيوعًا، يستخدم ضغطًا مع فقدان بعض البيانات للحصول على حجم ملف صغير، مثالي للصور الفوتوغرافية. ويمكن أن يكون تنسيق الملف فيها متنوعاً: jpg, .jpe, .jif, .jfi
PNG: يدعم الشفافية، لا يفقد جودة عند الضغط، يستخدم للصور ذات الألوان المسطحة والرسومات.
BMP: لا يستخدم ضغط، يحفظ كل بكسل بشكل فردي، جودة عالية ولكن حجم الملف كبير.
TIFF: يستخدم في الطباعة والنشر، يدعم طبقات متعددة، جودة عالية وحجم ملف كبير.
GIF: صور متحركة، تدعم الشفافية، عدد محدود من الألوان.
WebP: تنسيق حديث من جوجل، يوفر ضغطًا عاليًا مع الحفاظ على الجودة، مثالي للاستخدام على الويب.
لهذا النوع من ملفات حفظ البيانات البصرية عيوب منها:
فقدان الجودة عند التكبير: إذا قمت بتكبير صورة نقطية بشكل كبير، مما يؤدي إلى تدهور جودة الصورة.
حجم الملف كبير: الصور النقطية عالية الدقة تكون كبيرة الحجم، مما قد يجعل من الصعب مشاركتها أو تحميلها.
مثال بسيط:
تخيل أنك تريد طباعة صورة فوتوغرافية عالية الدقة على لافتة كبيرة. إذا كانت الصورة الأصلية منخفضة الدقة (أي عدد البكسلات قليل)، فستظهر الصورة مشوشة وغير واضحة على اللافتة. ولكن إذا كانت الصورة الأصلية عالية الدقة (أي عدد البكسلات كبير)، فستظهر الصورة حادة وواضحة.

هناك نوع آخر من ملفات الصور النقطية وهو ملفات RAW: أي الصورة الخام.
هذا النوع من الملفات هو الصورة الأصيلة كما تم التقاطها من الكاميرا أو جهاز التصوير أيما كان نوعه. يتميز بأنه يحتوي على كل البيانات التي جمعتها مستشعرات الكاميرا. بعبارة أخرى، إنها نسخة رقمية “سلبية” للصورة.
يستخدم هذا النوع من الملفات لجودة البيانات المحفوظة فيه، فهو يحوي جميع التفاصيل والمعلومات عن اللون والضوء والظلال والتي التقطها مستشعر الضوء في جهاز التصوير، ويمنح المصور القدرة على تعديل توازن الأبيض، التعريض الضوئي، التباين، وتشبع الألوان بدرجة أكبر بكثير مقارنة بأنواع الملفات الأخرى.
حجم هذا النوع من الملفات كبير وتحتاج لبرامج خاصة على جهاز الكمبيوتر لعرضه والتعامل معه. بعد إنجاز جميع التعديلات المرغوبة على الصورة يقوم المصور عادة بحفظ النتيجة على شكل ملف من نوع JPEG أو PNG لأنها تشغل مساحة أقل بأضعاف ويمكن نشرها على المنصات المختلفة.

من المهم أن تعرف أيضاً أنه لا توجد صيغة RAW عالمية واحدة، بل تختلف من شركة مصنعة للكاميرات إلى أخرى. ومع ذلك، هناك بعض الصيغ الأكثر شيوعًا:
الملفات الخام بصيغة CR2، تستخدم في معظم كاميراتCanon.
الملفات الخام بصيغة NEF، تستخدم في معظم كاميراتNikon
الملفات الخام بصيغة ARW، تستخدم في معظم كاميرات Sony
الملفات الخام بصيغة DNG، صيغة مفتوحة المصدر، تدعمها العديد من الشركات المصنعة، بما في ذلك Adobe و Phase One.

2. ملفات الصور الخطية (Vector):

يُطلق على هذه الملفات اسم ملفات المتجهات عند الترجمة من الإنجليزية. لا أدري شخصياً سبب هذه الترجمة، لكني سأتمسك برأيي واسميها ملفات الصور الخطية دائماً وأرى أن هذه التسمية أكثر دقة.
وملفات الصور الخطية هذه، هي ملفات رقمية تستخدم المعادلات الرياضية لوصف الأشكال والخطوط والألوان. وهي تأتي بعدة أنواع، أكثرها شيوعاً الملفات بامتداد SVG، EPS. وتتميز بأنها لا تفقد جودتها مهما قمت بتكبيرها. لذلك هي مثالية للرسومات والخطوط والصور التي سيتم طباعتها على أسطح كبيرة كاللافتات الدعائية.
في غالب الأحوال لن تضطر للتعامل مع هذه النوع من الملفات في مجال التحقق من الصور. لذلك سأكتفي بهذه المعلومات التمهيدية عنها.


في الصورة التالية يمكنك مشاهدة الفرق بين الصورة النقطية والصورة الخطية. على اليمين قمت بتكبير الجزء من وجه الفتاة في الصورة النقطية 20 ضعفاً. لاحظ كيف ظهرت البيكسلات على شكل مربعات لها لون محدد.
بينما على طرف اليسار قمت بتكبير جزء حول عين الفيل في الصورة الخطية 30 ضعفاً ولم تتغير دقة الصورة ولم نشاهد أي تشوهات في الدقة ولم تظهر أي بيكسلات لأنها غير موجودة في هذا النوع من الصور.


أنا متأكد أنك تتساءل الآن لماذا يجب أن تعرف كل هذه التفاصيل عن أنواع ملفات الصور والتنسيقات المختلفة الخاصة بها. والإجابة هنا هي أنك يجب أن تعرف أمراً مهماً، وهو أن الصور الملتقطة باجهزة التصوير على اختلاف أنواعها لها نوع خاص وتنسيق محدد حسب نوع الجهاز.
فالكاميرات والهواتف الذكية الحديثة تُخزن الصور على شكل ملفات RAW أو JPEG أو كلاهما معاً حسب رغبة المستخدم. وتقوم هذه الأجهزة بحفظ البيانات الوصفية للصورة الـ (Metadata) في ملف الصورة أيضاً وفي ملف منفصل من نوع XML أيضاً حسب رغبة المستخدم.
هذا يعني أنك عندما تشاهد صورة بنوع وتنسيق مختلف، فهذه الصورة تم تحويلها من الصورة الأصل إلى هذا النوع وهذا التنسيق، وهذا أول دليل يؤكد لك أن الصورة التي بين يديك هي ليست الصورة الأصيلة.
في الصورة التالية: من اليسار صورة خام من نوع RAW غير معالجة كما التقطتها الكاميرا. في الوسط تمت معالجة الصورة باستخدام برامج تحرير الصور وتعديل الإضاءة والألوان على ثلاث مراحل لتحسين المواصفات البصرية. في الصورة على الطرف الأيمن تمت زيادة التباين على الصورة التي في الوسط لزيادة المواصفات الجمالية للصورة وهي الصورة الجاهزة للنشر.


إذن الصورة الجاهزة للنشر هي ليست الصورة الأصيلة وتم التلاعب بها، لكن هذا النوع من التلاعب الذي يهدف إلى تقريب المظهر البصري في الصورة إلى الواقع وتحسين المواصفات البصرية والجمالية فيها مقبول عموماً.
ويشترط على هذا النوع من التعديل ليكون مقبولاً هو أن يكون هدفه تحسين المواصفات البصرية والجمالية للصورة ولا يضلل المشاهد ولا يزيف الحقيقة، كأن يتم التلاعب بالضوء لتحويل الصورة الملتقطة في النهار لتظهر وكأنها التقطت ليلاً.


كما لاحظت معي مما سلف، هناك عوامل متنوعة تؤثر على نوع الملف المنتج من جهاز التقاط كإعدادات جهاز التصوير. بينما نوع مستشعر الضوء في الجهاز يؤثر على نوع الملف الناتج وجودته. وهناك أيضاً العدسة التي تلعب دوراً مهماً في جودة الملف الناتج وطابعه البصري. الإضاءة في المحيط تلعب دوراً مهماً أيضاً في جودة الملف الناتج وطابعه البصري والظلال فيه. وجميع هذه العوامل سنتعلم في مقالات قادمة كيف يمكننا استكشافها واستخدامها كأدلة جنائية لتأكيد أصالة الصورة وحجم التلاعب بها.

جزء أخير مهم لا بد لك أن تعرفه عن الصور وهو البيانات الوصفية (Metadata). هي ببساطة معلومات تفصيلية عن الصورة مدمجة في داخلها بشكل خفي. تبدأ باسم الجهاز الذي التقطها ونوعه ودقة الصورة وتاريخ ووقت انشاءها وتاريخ آخر تعديل عليها ومعلومات عن نطاق الألوان في الصورة والضوء وما إلى ذلك.
الصورة التالية مثال عن البيانات الوصفية في ملفات الصور


البيانات الوصفية مثل بطاقة الهوية للصورة الرقمية ولها ثلاث أجزاء أساسية هي (EXIF، IPTC، XMP).
أولها هو EXIF Data أي (Exchangeable image file format) وهذا الجزء يحتوي معلومات حول الكاميرا المستخدمة أو جهاز التصوير، إعدادات التصوير (مثل فتحة العدسة وسرعة الغالق)، تاريخ ووقت التقاط الصورة، وحجم المستشعر وغيرها من التفاصيل الفنية.
الجزء الثاني هو IPTC Data أي (International Press Telecommunications Council) وهو يحتوي على معلومات أكثر شخصية مثل معلومات مثل عنوان الصورة، وصفها، الكلمات المفتاحية، حقوق النشر، واسم المصور.
والجزء الثالث هو XMP Data أي (eXtensible Metadata Platform) وهو أكثر الأجزاء مرونة وقابلية للتوسع. يمكن استخدامه لتخزين معلومات حول التعديلات التي أجريت على الصورة باستخدام برنامج معين، وتقوم بعض نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي للصور بتخزين نص الطلب الذي أنتج الصورة ومعلومات عن النموذجي البرمجي الذي أو مجموعة النماذج التي عملت معاً لتوليد الصورة.

البيانات الوصفية تفيدك في معرفة السيرة الذاتية للصورة وتستطيع منحك أدلة قطعية عن أصالتها أو كيف تم التلاعب بها. سنأتي على شرح تفصيلي حول طرق قراءة البيانات الوصفية وفهمها في مقال مخصص لهذا الغرض تباعاً، لكن عليك الحذر دائماً فالبيانات الوصفية يمكن تعديلها بسهولة وهناك برامج خاصة بذلك.

ختاماً

تنسيقات ملفات الصور كثيرة ومتنوعة. من المهم والاطلاع عليها وفهم الفروقات بينها إذا رغبت بتحسين مهاراتك الجنائية في التحقق من الصور. يمكنك التعرف على أنواع ملفات الصور وأنساقها المختلفة التي تستخدم عبر منصات الانترنت المختلفة من هذه المقالة التقنية هنا

يسعدنا أن نسمع آرائكم حول أداء الموقع والمواد المنشورة فيه عبر الاستبيان هنا