دليل عملي للصحفيين والإعلاميين. تعلم كيف تضلل جمهورك خطوة بخطوة

Cartoon image of a news anchor in a studio

إعداد: حزم المازوني

إخوتي وأحبتي الصحفيين والصحفيات. هل سئمتم من تشكيك الجمهور في مصداقيتكم؟هل تشعرون بالعجز في تمرير كذبتكم على الجمهور دون أن يمسك بكم متلبسين؟

إذا كان الأمر كذلك، فلقد جئتكم بالحل!
في هذا الدليل العملي، سأعلمكم كيف نضلل الجمهور ونخدعه خطوة بخطوة.
سنستخدم الكذب الوقح علنا وتكتيكات المغالطات المنطقية والافتراضات المسبقة لجعل جمهورنا يصدق ويعتقد بأي شيء نريدهم أن يعتقدوه.
أعلم أنكم تتساءلون الآن أين النزاهة والأخلاق والمهنية؟ دعكم من ذلك يا أحبابي، ففي عالم الأخبار المعاصر، التضليل وخداع الجمهور هو طريقكم الوحيد للنجاح والشهرة. ألا تريدون أن تصبحوا ناجحين ومشهورين يشار لكم بالبنان؟
إذن لنبدأ على بركة الله.

أولاً.

إكذب وبشدة. يجب أن تؤمن بأنه كلما كانت الكذبة أكبر كلما كان تصديقها أسهل. هذه نظرية أعظم كذاب في العصر الحديث، الصحفي الألماني ووزير الدعاية في عهد ألمانيا النازية يوزف غوبلز.
لكن دعني انبهك لأمر مهم. كي تستطيع استخدام هذه الخدعة لابد وأن يكون لك رصيد ضخم من السلطة والسمعة السياسية. فانت كصحفي صغير صعلوك لن يصدقك أحد إذا ما كذبت كذبة كبيرة. بينما إذا استطعت أن تقنع رئيس الولايات المتحدة الأمركية بأن يهبد عنك الهبدة الكبيرة التي لا تدخل في عقل عاقل ككذبة قطع رؤوس أطفال قرب غزة. عندها سيكون نجاحك مضموناً مئة بالمئة.
إذن فالخطة ببساطة. اختر شخصاً ذو سلطة وسمعة سياسية ونفوذ كبيرين على مستوى العالم ليكذب عنك. ويفضل أن يكون هذا الشخص عجوزاً ويشوبه الخرف. لأنك إن اخترت شاباً متقد العقل ” فقد يتنِّحلك التتنيحة العجيبة ” ويرفض بأن يكذب عنك. فكن ذكياً واختر عجوزاً (ومن الأفضل أن يكون عجوزاً جداً) لتخدعه وتقنعه بكذبتك. وكونه “نص مخرّف” سيسهل ذلك عليك المهمة كثيراً يا عزيزي.

ثانياً.

إستهبل. نعم نعم. لا تفرك عينيك. أنت ترى وتقرأ بشكل صحيح. استهبل. فالاستهبال أداة ممتازة لتضليل وخداع الجمهور. وخصوصاً بعد أن يكون رئيس الولايات المتحدة الأمركية قد مهد لك الطريق وكذب عنك الكذبة الكبيرة وأصبح الجميع يستشهد بها على أنها حقيقة مطلقة.
صحيح أن من واجبك كصحفي أن تدقق في المعلومات وتتحقق منها قبل أن تستخدمها في عملك وحتى قبل أن تسأل عنها من تقابلهم في برامجك لكن وبما أن الطريق أصبح ممهداً أمامك فما عليك الآن سوى أن تستهبل وتمسك بهذه الكذبة وتلوح بها وتسأل عنها ضيوفك جميع الأسئلة الممكنة. أصبح الآن في يدك سلاح تعصر فيه عقل أي ضيف يمكن أن يقابلك. ليس ذلك فقط. أنت الآن ملك الساحة وتستطيع أن تعصر عقل وضمير الجمهور بهذه الكذبة ولن يجرؤ أحد حتى على التفكير في مناقشتك أو حتى أن يرفع عينيه لينظر في وجهك. لقد أغرقت الجميع في الخجل وانتصرت.
الآن بامكانك أن تأخذ نفساً عميقاً وترفع رأسك عالياً فلقد تم تتويجك ملكاً للكذب والتضليل. لكن انتظر يا عزيزي لا تذهب بعيداً. لدي نصيحة أخرى لك ستصبح بعدها إلاه الكذب والتضليل.

التكتيك الثالث.

يجب أن تتقنه جيداً فبه ستعصر من روح جمهورك أو ضيوفك في برنامجك آخر قطرة من مقاومتهم لكذبك. هذه الخدعة تعتمد على تكتيك الابتزاز العاطفي على أساس الافتراض المسبق. ليس من الضروري أن تفهم أو تعرف ما هو الابتزازا العاطفي أو الافتراض المسبق ومغالطة ستار الدخان ورجل القش، المهم أن تعرف كيف تستخدمهم.
الطريقة ببساطة هي أن تسأل ضيفك مباشرة، وجمهورك من خلاله بشكل غير مباشر، هل تدين ما فعلته حماس من قطع لرؤوس الأطفال وقتل للمدنيين في غلاف قطاع عزة.
نعم هكذا بكل بساطة. ليس عليك أن تتحقق وتتأكد من أن حماس قامت بذلك فعلاً، وليس عليك أن تراجع مقاطع الفيديو المنشورة عن الأحداث والتدقيق والتحقق في وجوه من شاركو في العمل والتأكد من هوياتهم بطرقك الصحفية. عليك فقط أن تستهبل وتفترض مسبقاً أن ما تقوله أنت حقيقة وسينطلي الأمر على الآخرين وسيخضعوا لك.
بهذه الطريقة ستصبح إلاه الكذب والتضليل الإعلامي، فقد استخدمت يا عزيزي مبدأ أخلاقياً وإنسانياً لا يستطيع أحد مجادلتك فيه لتغطي افتراضك المسبق بأن حماس ارتكبت فعلاً هذه الجرائم الشنعاء.

وأخيراً أريد أن أقول لك. كل وقحاً وأكذب بوقاحة. وألبس وجهك قناع البراءة والبرود كما فعل بيرس مورغان بتاريخ 17 أكتوبر تشرين الأول عندما قال في لقائة باسم يوسف بانه لم يقل أبداً أن هناك أطفال قطعت رؤوسهم في غزة بالرغم من أنه قبل أسبوع من ذلك وأثناء لقائه الممثلة البريطانية جوان كولينز قال أنه غص عندما قرأ عن كشف جديد حول قتل 40 طفلا وقطع رؤوسهم.
إذن اصمد على كذبك وتشبث به ولا تلقي بالا لآلاف المتابعين التافهين الذين يكذبونك علنا على صفحتك على تويتر، فالمهم هو أن تمر كذبتك في البداية قبل كشفها.

ختاماً

الآن انتهى درسي لكم اليوم. قد يكون ضميركم بدأ ينخزكم قليلاً وتتسائلون عن أشياء مثل أخلاق المهنة والنزاهة والمهنية. سأقول لكم بوضوح. إرموا هذه الأشياء التافهة وراء ظهركم. فهي صفات الصحفي الحقيقي الذي يضع عواطفه جانباً ويعمل بعقله ويكد ويتعب ويقضي الأيام والليالي بحثاً وتنقيباً وتدقيقاً ليصل إلى الحقيقة المطلقة لينقلها إلى جمهورة بكل أمانة.