المهارات الأساسية في تدقيق المعلومات والتحقق من الأخبار
إعداد: حزم المازوني
لدينا نحن البشر طباع سلوكية فطرية مصممة لحمايتنا وضمان سلامتنا. فعلى سبيل المثال، إذا جاءنا أحد المعارف بخبر ما، فعادة ما نمطر ناقل الخبر المسكين بأسئلة على شاكلة: هل كنت أن هناك، هل شاهدت ذلك بأم عينك؟. من كان هناك أيضاً، هل شاهد الحدث أناس تعرفهم؟ ما هم هؤلاء الأشخاص؟ ثم ستلح على ناقل الخبر بأسئلة على شاكلة متى وقع ذلك وأين وكيف حدث ذلك ولماذا؟
وإذا حدث ولم يستطع ناقل الخبر الاجابة على جميع أسئلتنا نتضايق وقد نهاجم ذلك المسكين على الأخبار المنقوصة التي نقلها لنا.
وأظنكم قد لاحظتم معي أننا بهذا السلوك نهدف للحصول على معلومات أكثر حول الخبر والتحقق من مصداقيته. وهذه بالضبط أولى قواعد التحقق من المعلومات.
إذن عند تلقينا خبراً من وسائل الإعلام علينا أولاً وقبل كل شيء التفكير فيما إذا كان الخبر يملك مواصفات الخبر الصحفية الأساسية ونتساءل. هل ناقل الخبر شاهد عيان؟ هل هناك شهود عيان آخرين وماذا يقولون؟
ولابد لشهود العيان أن يكونوا مُعرَّفين. بمعنى من هم شهود العيان هؤلاء؟ هل هم من وقع الحدث معهم، أم من سكان ذات المنزل، أم من سكان ذات الحي؟ وهل كانوا متواجدين لحظة وقوع الحدث؟ فلا يعقل مثلاً أن نسمع خبراً على شاكلة “شاهد بعض الناس النار تشتعل في السيارة”. من هم هؤلاء الناس؟ هل شاهدو النار تشتعل في السيارة على التلفاز أم كانوا متواجدين في المكان؟
بالنسبة للجمهور أفضل وسيلة لتعريف شهود العيان هي ذكر أسمهم وصفتهم وعلاقتهم بموضوع الخبر. لكن في بعض الأحيان قد تضطر المؤسسات الإعلامية لإخفاء أسم الشهود لحمايتهم من مخاطر ملاحقتهم أو الإضرار بهم على سبيل المثال. وفي هذه الحالة لابد للمؤسسة الإعلامية من التعريف بالشاهد على الأقل من زاوية علاقته بالموضوع ومدى موثوقيته ومدى خبرته وكيف وصلته المعلومات ويجب أن تذكر جهاراً نهاراً لماذا تخفي أسمه وصفته المهنية لطمأنة الجمهور وإقناعه بموثوقية هذا الشاهد.
وهنا لابد أن أنوه أن شهود العيان الآخرين يمكن أن تكون بالنسبة لك كقارئ مؤسسات إعلامية موثوقة أخرى تغطي ذات الخبر، وماذا تقول هذه المؤسسات عن الواقعة؟ هل تتفق جميع المؤسسات على الأحداث التي ذُكرت في الخبر الذي يثير شكوكاً لديك؟. إذن، يجب أن تبحث قليلاً وتجري بعض المقاطعات من عدة مصادر.
لابد أن يجيب الخبر الذي نقرأه أو نشاهده على الأسئلة الصحفية الخمسة (ماذ ومن ومتى وأين ولماذا) +كيف؟ إذا كنت لا تعرف ما هي الأسئلة الصحفية الخمسة فانصحك بقراءة مقال ” الأخبار المزيفة معضلة المصطلح والتسمية” أولاً ثم المتابعة هنا.
وأظنك الآن تلاحظ معي قارئي العزيز أهمية أن يجيب الخبر على الاسئلة الصحفية الخمسة. فبدون هذه الأجوبة يصبح الخبر ضعيفاً منقوصاً لا يروي شغفنا للمعرفة. أو إذا أردت استخدام المصطلحات المهنية يصبح الخبر مضطرباً.
في بعض الأخبار قد يكون الحدث معقداً ومركبا، أو قد يكون ناتجاً عن أحداث أخرى سبقته، أو قد يستدعي أحداثاً أخرى في المستقبل. في هذه الأنواع من الأخبار عادة ما تتم الاستعانة بخبير لإعطاء تحليل لهذا الحدث وتداعياته. وفي هكذا حال يجب عليك كجمهور أن تتسائل. ما هو رأي الخبير، وهل هذا الخبير مؤهل للحديث في هذا الموضوع؟ وهل تعلن لي المؤسسة التي جلبت هذا الخبير عن مجال ومستوى تأهيله؟
والتأهيل هنا هو أن يكون موضوع الحدث في مجال خبرة هذا الخبير. فلا يعقل أن يأتينا طبيب للحديث عن قضايا اقتصادية مثلاً، إلا في حال كان للقضية الطبية ارتدادات اقتصادية ما، وهذا الطبيب الخبير متخصص في هذا المجال الطبي الاقتصادي تحديداً.
لكن وعلى ذكر الخبير، يجب أن ننتبه لنقطة مهمة، هل هذا الخبير متحيز؟ فهو في النهاية إنسان، والإنسان يمكن أن تجرّه العواطف ولو قليلاً حتى لو كان مهنياً إلى أقصى الحدود. فانتبه وحلل رأي الخبير في زاوية التحيز.
وبما أننا نتحدث عن التحيز، هناك سؤال مهم آخر يجب أن تطرحه على نفسك. هل ناقل الخبر متحيز؟
لكن كيف أعرف إذا ما كان ناقل الخبر متحيز؟ الجواب بسيط هنا، هل ينتقد ناقل الخبر أحد الأطراف دون الطرف الآخر؟. في هذه النقطة يمكننا أيضاً أن نتسائل من هو مصدر الخبر؟ هل هو مسؤول سابق، أم مسؤول حالي؟ فعادة ما يميل المسؤولين السابقين إلى انتقاد المسؤولين الحاليين وكثيراً ما يكون هذا الانتقاد مسيساً. وفي هذه النقطة يجب أن تسأل نفسك عزيزي القارئ هل لدى هذا المصدر مصلحة ما؟ وما هي هذه المصلحة؟. فكثير من المؤسسات الإعلامية والإعلاميين مسيس لصالح جهة ما. قم ببعض البحث على الانترنت حول توجهات القنوات الإعلامية التي تستقي أخبارك منها، فمن المفيد أن تعرف مدى انحياز هذه المؤسسة أو تلك وفي أي اتجاه تنحاز هذه المؤسسات.
يسعدنا أن نسمع آرائكم حول أداء الموقع والمواد المنشورة فيه عبر الاستبيان هنا
العودة إلى: أرشيف تدقيق المعلومات والتحقق من الأخبار.